وشدد على ضرورة التفكير فيما يجري في أنحاء أخرى من العالم في الخطاب الهوياتي، معتبرًا أن الخطاب الهوياتي يمكن أن ينفلت ويهدد تماسك الدولة
قال الكاتب والروائي حسن أوريد أن الخطاب الهوياتي لا يجب أن يتعارض مع الهوية الوطنية،و لا ينبغي لهوية فرعية، أيا كانت، أن تتنافى أو تتعارض مع الجامع المشترك، مشيرا إلى أن الأمازيغية، شأنها شأن المكونات الثقافية الأخرى، ينبغي أن تكون في خدمة المغرب، وليس العكس.
وأكد أوريد في ندوة نظمتها جامعة “سيدي محمد بن عبد الله” بفاس أن قضايا الهوية أصبحت حارقة ولم يعد ممكنا إغفالها أو تجاهلها أو التنكر لها، خاصة بعد سقوط جدار برلين، حيث حلت الثقافة محل الاقتصاد والهوية محل الطبقة. وأشار إلى أن الاعتراف بالهويات برز في المغرب شأنه شأن الدول الأخرى، وبالأخص الهويات التي كانت غير معترف بها، والتي كانت تُنعت بالتجزئة والقبلية بنظرة تحقيرية، وكان أصحابها يتعرضون لصنوف من المضايقات.
وأضاف أوريد“لا نجادل في أهمية الأمازيغية، وينبغي أن تكون إحدى الأدوات التي تخدم المغرب، وألا يُوظف المغرب لخدمة الأمازيغية. ونفس الأمر ينطبق على اللغة العربية، أي أن تكون عنصرًا لخدمة المغرب وليس العكس، لأنه في نهاية المطاف الوطنية تسمو، والإطار الذي ينبغي أن يجمعنا هو المواطنة”.
وتابع قائلاً: “الطلب الهوياتي مشروع ويستجيب لطلب أساسي هو الكرامة. والاعتراف، منذ هيغل، ليس مجرد إجراء أخلاقي بل عملي أيضًا. فعندما تعترف بجماعة معينة، تستطيع هذه الجماعة أن تكون فاعلاً في الاقتصاد أو السياسة. والخطاب الهوياتي يقوم على اعتبارات أساسية منها الكرامة، لكنه يمكن أيضًا أن يجنح وينفلت إذا لم يُضبط في إطار”. وأوضح أنه ينبغي التساؤل: هل الأمازيغية هي شأن الناطقين بها فقط؟ قبل أن يجيب بالقول: “أنا شخصيًا، حسب فهمي البسيط وحسب ما أدرك من الخطاب الرسمي، ينبغي أن تكون شأن كل المغاربة”.
وأكد أوريد أن اللهجة التي يتحدث بها المغاربة تسكنها الأمازيغية، وحتى عند الحديث عن بنية اللغة، فإن جزءًا كبيرًا منها مستمد من الأمازيغية. وقبل بنية اللغة، هناك البنية الذهنية، لأن المغاربة يفكرون بطريقة مخالفة تمامًا عن المشرق. وألح على أهمية الاعتناء بكل مكونات الشخصية المغربية، وعلى الأمازيغية كقاسم مشترك لكل المغاربة. وأكد أنه ينبغي أن نسهم في التوزيع العادل للرموز، مع الحفاظ على انفتاحنا نحو القيم الكونية.
وأضاف أوريد: “لم يكن سهلاً في المغرب وأرجاء أخرى المناداة بالاعتراف بالبعد الأمازيغي، وغالبًا ما كانت هناك أحكام جاهزة ضد الأمازيغية كلغة وثقافة، حيث تعرض المدافعون عنها لكثير من التحقير”. وذكر أن الغربيين الذين اشتغلوا على هذا الموضوع يقولون إنه لا يمكن تكوين ما يسمى بمجتمع لائق إن لم يكن هناك توزيع عادل للرموز، وأنه من حق أي جماعة أن تحتفل برموزها وطقوسها، وألا تُقمع فيما تعتبره جزءًا من هويتها.
وقال إن إضفاء طابع الرسمية على السنة الأمازيغية يأتي بعد سلسلة من الإجراءات الجريئة التي صالحت المغاربة مع ذاتهم.
تعليقات