"وضع اسماعيل كسجين سياسي مرتبط بشبكة عالمية معقدة من التواطؤ مع طموحات إسرائيل الإبادة الجماعية، التي تربطها شركات متعددة الجنسيات وحكومات متواطئة"..
ففي تقرير أعدته نسرين عبد العال وريان الأمين ، خلصت المجلة أن وضع اسماعيل الغزاوي كسجين سياسي مرتبط بشبكة عالمية معقدة من التواطؤ مع طموحات إسرائيل تلإبادة الجماعية، التي تربطها شركات متعددة الجنسيات وحكومات متواطئة
وفي التفاصيال تسرد المجلة قصة الغزاوي باعتبارها حالة واضحة عن اضطهاد ناشط مؤيد لفلسطين من حكومة عربية قامت بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، إلا أن النظرة العميقة تظهر التسلسل المعقد للأحداث التي أدت إلى اعتقاله ويمتد من ميناء حيفا وأسدود وعبر مضيق جبل طارق والمحيط الأطلنطي إلى الموانئ التجارية في نيوجيرسي وتكساس.
كان إسماعيل الغزاوي، مهندس زراعي عمره 34 عاما، يعمل مع مجموعة مقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (بي دي أس BDS Maroc) للاحتجاج على تواطؤ الشركات المحلية والدول مع حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل ضد الفلسطينيين في غزة. وبسبب نشاطه، أوقفته الشرطة المغربية في أكتوبر في الشارع بينما كان في طريقه إلى القنصلية الأمريكية للاحتجاج على الدعم الأمريكي لإسرائيل، وأطلق سراحه في حينه بدون توجيه أي تهم إليه. وبعد اعتقاله في نوفمبر، استند محامو الادعاء إلى خطابات نشرها الغزاوي على منصات التواصل الناطقة باللغة العربية وتدعو إلى الحشد والتعبئة للاحتجاج حول القنصلية الأمريكية، وقدمتها كأساس للتهم.
كما أضافوا إلى ملف قضيته تصريحات دعا فيها عمال الموانئ والمحتجين إلى منع السفن المتجهة إلى إسرائيل من الرسو في الموانئ المغربية، وبخاصة بعدما كشفت التحقيقات المحلية والدولية عن استخدام ميناء طنجة المتوسط لنقل البضائع العسكرية إلى إسرائيل.
وظل الغزاوي قابعا في السجن بعد شهر من رفض الإفراج المؤقت الذي تقدم به المحامون نيابة عنه، وصدر عليه حكم بالسجن لعام وغرامة بـ 500 دولار. وخلال فترة المحكمة وفترة سجنه الحالية ظل الغزاوي في زنزانة انفرادية وبفرصة محددة للوصول إلى الإمدادات الصحية والخروج في الشمس وزيارات العائلة.
في نوفمبر، نشرت حركة الشباب الفلسطسيني (بي واي أم) وبالتعاون مع بروغريسف انترناشونال تقريرا حلل 2,000 شحنة عسكرية أرسلت إلى وزارة الدفاع الإسرائيلية منذ بداية الإبادة في غزة، نقلت على متن سفن تملكها الشركة الدنماركية ميرسك للشحن البحري.
ووجد التقرير أن الشحنات التي تضم عربات مصفحة بقيمة ملايين الجنيهات الإسترلينية ولوحات مدرعة وقطع للطائرات وقنابل، غادرت موانئ أمريكية كنيوجيرسي وتكساس قبل أن تتوقف في ميناء الجزيرة الخصراء في إسبانيا في طريقها إلى إسرائيل. والأكثر أهمية هو كشف التقرير عن انتهاك شركة ميرسك للقانون الإسباني عمدا، والذي دخل حيز التنفيذ في ماي 2024 ويحظر مرور المواد العسكرية الموجهة إلى إسرائيل عبر الموانئ الإسبانية. ونتيجة للضغوط التي مارستها بي واي أم، اضطرت شركة ميرسك إلى الاعتراف علنا لأول مرة بأنها كانت تحمل أسلحة إلى إسرائيل نيابة عن المبيعات العسكرية الأجنبية للولايات المتحدة.
وردا على هذه الكشوف، بدأت الحكومة الإسبانية بمنع دخول سفن ميرسك المشتبه في أنها تحمل شحنات إلى وزارة الدفاع الإسرائيلية.
وبعد تعطيل الوصول إلى أحد مراكز إعادة الشحن الرئيسية، اضطرت شركة ميرسك إلى البدء في تحويل سفنها إلى محطة عبر مضيق جبل طارق، وهو ميناء طنجة المتوسط على الساحل المغربي.
وعلاقة المغرب التجارية مع إسرائيل ليست جديدة، إلا أن الكشف عن تسهيل المملكة لشحنات الأسلحة إلى القوات الإسرائيلية واستخدامها في غزة، أثار غضب منظمات المجتمع المدني المغربية. وشهدت مدينة طنجة، حيث يقع ميناء طنجة المتوسط، احتجاجات واسعة النطاق منذ نوفمبر بسبب دعم الحكومة الصريح للإبادة الجماعية المستمرة.
وشارك الغزاوي في هذه التعبئة الشعبية ودعا إلى تعطيل الشحنات العسكرية في الميناء، إلى جانب مجموعات مثل بي دي أس المغربية والجبهة المغربية لمحاربة التطبيع. وليس من المستبعد أن تكون الشدة في محاكمة الغزاوي مرتبطة برغبة السلطات في جعل وجه بارز من حركة الاحتجاج عبرة للآخرين، بعد رؤية عمال الموانئ يستجيبون لدعوات المجتمع المدني للتحرك.
فقد رفض العديد من العمال في ميناء طنجة المتوسط التعامل مع الشحنات العسكرية وتم تأديبهم لاحقا أو فصلهم، بينما استقال آخرون من وظائفهم احتجاجا. وبعد تسريب صور تظهر مركبات عسكرية تكتيكية جالسة في داخل حاويات مفتوحة في الممر المخصص لميرسك، بدأت سلطات الموانئ في تقييد الوصول إلى كاميرات المراقبة والطلب من السفن الرسو ليلا. وبلغت تحركات عمال الموانئ ذروتها مع حملة نقابية دعت اتحاد التجارة الدولي إلى تقديم الدعم، لكن شركة ميرسك قمعت المحاولة الوليدة في رسالة أرسلتها إلى عمال الموانئ.
ومن هنا، يضيف التقرير، ان سجن الغزاوي يفرض التزاما على أصحاب الضمير في مختلف أنحاء العالم، وهو واجب يتجاوز التعاطف أو الشعارات ذلك أن وضعه كسجين سياسي مرتبط بشبكة عالمية معقدة من التواطؤ مع طموحات إسرائيل للإبادة الجماعية، التي تربطها شركات متعددة الجنسيات وحكومات متواطئة.
وفي رسالة كتبها الغزاوي من السجن في 30 ديسمبر شكر فيها “الأشخاص الأحرار الذين دعموني دون أن يعرفوني حقا”، والذين يرتبط بهم من خلال “رابطة مشتركة وهدف نهائي: تضخيم صوت الشعب المغربي الرافض للظلم والوقوف متضامناً مع الشعب الفلسطيني الصامد”.
تعليقات