فحتى لو افترضنا أن المدير الإقليمي ارتكب تجاوزات، فإن الإدارة الحديثة في دولة المؤسسات تقتضي سلك مساطر قانونية للمساءلة والمراقبة والمحاسبة
ا
خالد البكاري* |
فحتى لو افترضنا أن المدير الإقليمي ارتكب تجاوزات، فإن الإدارة الحديثة في دولة المؤسسات تقتضي سلك مساطر قانونية للمساءلة والمراقبة والمحاسبة، وحتى المحاكمة إن اقتضى الحال.
اما الصراخ والإذلال باستعمال عبارات حاطة من الكرامة، فلا يمكن أن يصدر إلا من عقلية سلطوية، حتى ولو كان العامل "نزيها" والمخاطب "مذنبا".
إنه الفرق بين دولة المؤسسات، ودولة الإقطاعيات.
بين دولة المواطنين ودولة الرعايا.
على أن رد فعل المدير الإقليمي الذي بدا مستكينا، هو بدوره ترجمة للنخب التي في مواقع المسؤولية في هياكل مختلف قطاعات الدولة المخزنية، حيث قبول الإذلال من الأعلى، وممارسته على الأدنى.
ألم تطبع النخب مع "مفهوم" الغضبة الملكية؟ وجعلوها فوق المبدأ الدستوري: ربط المسؤولية بالمحاسبة، حتى أصبح تقويم اي اعوجاج، أو إصلاح اي اختلال في أمور غاية في الخطورة مرتبطة بالشأن العام، رهينا بغضبة الملك على المقصرين، وليس بإعمال الأدوات القانونية والإدارية.
لا اتفق مع من اختزلوا فيديو العامل والمدير الإقليمي في "عامل متسلط" و"مدير مستكين"، بل تلك صورة مصغرة عن التراتبية الإدارية والتنظيمية وفق حكامة "المخزن".
ولو تسربت تسجيلات مجالس أخرى في الفوق، لرأيتم وسمعتم ما هو اكبر من ذلك.
وإن من المجالس ما أرسلت مسؤولين إلى مصحات للعلاج النفسي، أو الموت البطيء، بعد أن سمعوا من ولي الأمر أو النعمة ما تمنوا لو أن الأرض انشقت وما سمعوا ذلك التقريع، ممن أمرهم بيده.
بس: كنت قبل ايام في سطات، وما اظن انها مدينة استثنائية في تدبير شؤونها، وافترض أن وزير الداخلية لو جاءها على غفلة، لقرع عاملها تقريعا، إلا إذا كانت له مظلة تحميه خارج القانون، وهو المعين منذ خمس سنوات. ما تغير فيها وضع المدينة. وكان قبل ذلك عاملا على سيدي قاسم، ولعل سكان تلك المدينة لا يذكرونه بأي إنجاز، ولم يتأسفوا على رحيله.
تعليقات