بالله عليكم دلوني على مشروع واحد من المشاريع الملكية المسماة استراتيجية والذي عُيِّنَت له لجنة ملكية أو مجلسا عرف النجاح؛ انظروا مثلا إلى: ...
أظن أننا أمام منهجية استبدادية تمثلها سلطة سياسية فوقية لا تقبل في دائرتها إلا من يرى في نفسه أنه مجرد أداة سياسية تنفذ ولا تفكر ولا تقترح. إن انتقادي هنا لمسار تعديل مدونة الأسرة المغربية يذكرني باعتراض الراحل عبد الرحمان اليوسفي رحمه الله حين انتقد المؤسسة الملكية بخصوص عدم احترام المنهجية الديمقراطية وأعقبها ببيان بروكسل الذي أوضح فيه أنه كان يصبو بعد التناوب التوافقي إلى انتقال ديمقراطي حقيقي، لكنه تفاجأ في بداية الطريق أن الاستبداد هو سيد الموقف. وها نحن مستمرون في المسلسل الاستبدادي حيث حكم الشخص الواحد الذي يضع المشاريع الاستراتيجية ويعين لها لجانا فوق حكومية، ليبقى دور الحكومة هو التصديق على هذه المشاريع الملكية، في حين يؤدي البرلمان دور شرعنتها عبر سن قوانين لها، وليس هناك من يعترض أو ينتقد، بل كل الجوقة تطبل وتزمر للمشاريع الملكية حتى يأذن الملك ويعلن في خطابه أن مشروعا ما قد فشل تماما كما كان مع المشروع الاقتصادي التنموي، حينئذ ترتفع الأصوات أن النظام الحاكم يمتلك كامل الجرأة للاعتراف بفشله وهذا يدل على شجاعته وشفافيته، ثم يعود بنفس المنهجية ليعين شخصا ثم لجنة لمشروع جديد وتعود حليمة لعادتها القديمة، وهكذا ذواليك، نقوم بنفس الفعل ونفس الاختيار ونفس الآليات ثم ننتظر نتائج مغايرة، فيصدق علينا المثل القائل: "من جَرَّبَ المُجَرَّب فعقله مخرَّب" وتستمر عجلة الاستبداد في طحننا، واللجن في سلخنا، والمشاريع الفاشلة في تجفيف صناديقنا، ولا من يقول "اللهم إن هذا منكر"، ولن تكون مدونة الأسرة إلى حلقة من حلقات ممارسة الاستبداد عبر تعيين وفرض لجنة فوقية، ثم عبر ممارسة التحكيم، فالقبول بالأمر الواقع بعد استنزاف خزينة الدولة بملايين الدراهم في اللقاءات والمشاورات والتنقلات والدراسات والطباعات... ، تماما كما جرى في كل المشاريع التي آلت إلى الفشل.
إنه لن تقوم لنا قائمة إن لم تكن المشاريع الاستراتيجية مطلبا شعبيا يراعي أولويات الشعب، ويكون المُخَطِّطُ والمُنفِّذُ حكومة بصلاحيات كاملة مسؤولة ومحاسبة أمام الشعب وأمام برلمان الشعب، دون هذا سنستمر في اجترار الفشل وسنستمر في هدر الزمن السياسي لهذا الوطن، لأننا قبلنا بسلطة الاستبداد التي لا تنتج إلا الفساد. فلا مناص إذن من إعادة سؤال الصلاحيات الدستورية والقطع مع سلطة الفرد الواحد و المؤسسة الواحدة، وهذا يتطلب ضرورة إعادة توزيع السلط بما يضمن دولة القانون والمؤسسات الخاضعة للرقابة والمحاسبة لا دولة التعليمات السامية فوق دستورية وفوق قانونية.
تعليقات