توفي في ساعة مبكرة من صباح يوم الثلاثاء، المقاوم والزعيم اليساري محمد بنسعيد آيت إيدر، عن عمر ناهز 99 سنة بالمستشفى العسكري في الرباط.
ولد بنسعيد، الذي يتحدر من منطقة شتوكة آيت باها، سنة 1925، في قرية تيمنصور في شتوكة آيت بها، وانخرط قي مقاومة الاستعمار وتعرض للاعتقال في بداية الاستقلال مع عدد من أطر المقاومة وجيش التحرير.
لجأ إلى الجزائر، ثم إلى فرنسا، وساهم في تأسيس منظمة 23 مارس اليسارية. وبعد عودته إلى المغرب أسس منظمة العمل الديمقراطي الشعبي 1983 وتحمل مسؤولية أمينها العام . وباسمها انتخب نائباً في البرلمان عن منطقة شتوكة آيت باها.
بعد ان اختار جزئ من أعضاء جش التحرير الإنصياع لقرار الحل اختار هو المواجهة مع النظام و تعريض النفس لحكم الإعدام و المنفى.
بعد عودته من المنفى كان السياسي الوحيد الذي تجرأ امام الملك الحسن الثاني ليقول له ان جزءا مما جاء في كتاب " صديقنا الملك " حقيقي مما عرضه للتأنيب من بعض اقطاب المعارضة الحاضرين في اللقاء مع الحسن الثاني.
كما كان الوحيد بين كل الساسة المغاربة سواء المعارضين او الموالين الدي أثار قضية معتقل تازمامارت بعد ان لادت به زوجة احد المعتقلين هناك. مما اثار غضب الملك الراحل الحسن الثاني الذي كان ينكر وجود هذا المعتقل السيء السمعة.
لقد تحمل بنسعيد ايت ايدر و رفاقه كل تبعات مواقفه الشجاعة والرصانة المليئة بدروس الوطنية و اختار دوما التغريد خارج سرب الإجماع المزعوم . فبعد ان صوتت مكونات الكتلة لدستور 96 الممنوح آثر بنسعيد و أبناء حزبه التشبت بمطلب الدستور الديموقراطي الشعبي الدي يكرس فصلا حقيقيا للسلط و يضع البلاد على سكة الديموقراطية و تعرضوا نضيرا لدلك لشق صفوفهم من قبل وزير الداخلية القوي انداك ادريس البصري.
و سنة 1992 ساهم بنسعيد في تأسيس الكتلة الديمقراطية، لكن اختيارات بن سعيد الديمقراطية ستبعده عن حلفائه عندما اختار التصويت ضد دستور 1996، مما حدا بوزير الداخلية، آنذاك، إدريس البصري، إلى دفع مجموعة من مناضلي حزبه إلى الانشقاق عليه وتاسيس حزب جديد بإسم “الحزب الإشتراكي الديمقراطي”.
وفي سنة 98 عند تكليف السيد عبد الرحمان اليوسفي بتشكيل حكومة التناوب التوافقي بقي بنسيعد و رفاقه وحدهم كمكون من مكونات الكتلة خارج تلك الحكومة. رفضه كما قال للسيد اليوسفي " لا يمكن لأي حكومة ان تحقق أي شيء في المغرب مع الدستور الحالي و بدون صلاحيات كاملة و بوجود ادريس البصري " المقولة التي رددها السيد عبد الرحمان اليوسفي في ندوة ببلجيكا و لكن بعد ان خروج القصر عن : المنهجية الديموقراطية " و أقال حكومة التناوب التوافقي.
وفي 2002 ساهم بنسعيد في تأسيس حزب “اليسار الاشتراكي الموحد”، لكنه ظل بعيدا عن تحمل أي مسؤولية سياسية، وكان يعتبر مرجعا سياسيا وأخلاقيا لرفاقه في اليسار الديمقراطي يستشرونه في المحطات الصعبة.
وحتى وفاته عاش بنسعيد وفيا لمبادئه، مناصرا لقضايا الحرية والديمقراطية والعدالة الإجتماعية وللقضية الفلسطينية، ظل تابثا متشبتا بها لا يحيد عن مطالبته و نضاله من أجل الدستور الديموقراطي الشعبي و التعليم المجاني و السكن اللائق و التوزيع العادل للثروة و الفصل الحقيقي للسلط و القضاء على الإستبداد والتحول إلى الديموقراطة لينعم المغاربة اجمعون بالحرية و الكرامة و العدالة الإجتماعية.
وهي المبادئ التي ضحى من أجلها طيلة حياته، ما أكسبه إحتراما كبيرا في جميع الأوساط السياسية اليسارية والإسلامية والليبرالية، وشعبية واسعة بين بسطاء الناس.
وهيمن خبر رحيل المناضل اليساري، على العناوين الرئيسة لمختلف المنابر الإعلامية الإلكترونية المغربية، وجاءت عناوينها كلها تقديرا لمسيرة الرجل سواء في المقاومة ضد المستعمر الفرنسي أو في النضال السياسي في صفوف “منظمة العمل الديمقراطي الشعبي” التي ساهم في تأسيسها وترأسها (أمين عام) سنة 1983.
👈 سوشيال ميديا.. يوم رحيل الشامخ.. تشويش من فوق !!
وخلفت وفاته أصداء محزنة في منصات التواصل الاجتماعي، حيث كتب الأديب ياسين عدنان: “رحيل آخر الفرسان. أخشى أننا بعد محمد بنسعيد آيت ايدر لن نجد في مشهدنا السياسي هذه الخامة التي صارت نادرة: الصدق والوفاء والثبات على المبدأ مجتمعين في رجل واحد. فعزاؤنا واحد في الراحل الكبير. العزاء لكل رفاقه ومحبيه. ها هو الفارس الأمازيغي الكبير يترجل اليوم، لكنَّ كلمتَه حيّة فينا”.
ودعا ياسين عدنان إلى العودة لكتاب المقاوم الراحل وشهادته العميقة على العصر: “هكذا تكلم محمد بنسعيد”، واعتبر أن “هذا الكتاب التحفة لم ينل الحظ الذي يستحقه من التوزيع والتسويق والمتابعة”. وأكد أنه من خلاله “سيكتشف شباب المغرب اليوم الذين يتابعون أخبار محاكمات بعض السياسيين المتورطين في قضايا الفساد من مختلف أصناف الفساد وضروبه، كم هو سامق وعظيم ونظيف هذا الفارس الذي ترجّل اليوم”.
تعليقات