على الرغم من موقف القاهرة الرافض لتهجير سكان قطاع غزة إلى سيناء، والذي جرى التعبير عنه رسمياً غير مرة،
وتضيف الجريدة، في مقال ضمن ملفها الأخير، أنّ القاهرة تحرص على عدم تحمّل تبعات هذه العملية «بمفردها»، وتبحث إمكانية استضافة دول عدة للفلسطينيين النازحين، الذين سيُسمح لهم بالخروج من معبر رفح «بشكل رسمي».
وطبقاً للمصدر نفسه، فإنّ مصر ستشترط أن يكون عبور السكان منظّماً، ولأهداف محددة في الخارج، كالدراسة أو الهجرة، وبموجب موافقة مسبقة وتأشيرات تصدر قبل دخولهم البلاد.
وفقاً للسيناريو المذكور، توقعت نفس المصادر أن تستقبل مصر مئات الآلاف من سكان غزة، من مختلف الأعمار، مع عائلاتهم، بحيت يتمّ وضع معايير عدة للموافقة على دخولهم، على غرار الأوضاع الصحية التي تستدعي العلاج، والدوافع الإنسانية الأخرى، جنباً إلى جنب متابعة تحصيلهم العلمي، شريطة ألا يجري توطين المهاجرين في سيناء، «وأن يتم نشرهم، بدلاً من ذلك، في أماكن أخرى خارجها»، مع استحداث «وضع خاص» لهم.
وتضيف «الأخبار» أن التغيّر في موقف القاهرة، مدفوع باقتناع بأنّ إسرائيل ستواصل عملية تدمير قطاع غزة وتجريفه، ثمّ العمل على خنقه اقتصادياً، حتى بعد انتهاء الحرب، وعرقلة جميع محاولات إعادة الإعمار فيه، وحصرها بتقديم بعض المساعدات الإنسانية، ما سيعيق جميع فرص العمل أو سبل الحياة في داخله.
المسؤولون المصريون بدأوا يتحضّرون بالفعل لسيناريو التهجير (أ ف ب) |
في السياق، بدأت مصر تبحث في «حصص» المهاجرين التي ستستقبلها دول عربية أخرى، سواء في الخليج أو شمال أفريقيا، توازياً مع مطالبتها بـ«دعم اقتصادي كبير»، لا فقط من أوروبا والولايات المتحدة، وإنّما من دول الخليج، بالإضافة إلى إمكانية استفادة عدد من الطلاب الفلسطينيين من منح دراسية في أوروبا وتركيا والولايات المتحدة، ما سيتيح لهم السفر مع عائلاتهم إليها.
في المقابل، قالت هيئة البث الحكومية في إسرائيل، السبت، إنه “لا خطة لإجلاء سكان قطاع غزة إلى قرب الحدود المصرية”. حسب وكالة "الأناضول".
ونقلت الهيئة عن مصادر سياسية (لم تسمها)، بأنه “لا خطة لإجلاء سكان غزيين إلى منطقة رفح (جنوب القطاع) بالقرب من الحدود المصرية”.
وأضافت المصادر، أن “العلاقة التي تربط إسرائيل ومصر استراتيجية وهامة وأن الدولتين تتعاونان لمنع اقتحام جموع من الفلسطينيين في غزة الحدود إلى سيناء”. ولم يصدر تعليق فوري من الجانب المصري بشأن هذه التصريحات.
ورغم النفي الإسرائيلي المتكرر والخجول بعدم وجود أي خطط إسرائيلية رسمية لتهجير سكان قطاع غزة قسرًا نحو الحدود المصرية واجتيازها وصولا لسيناء، إلا أن لغة الواقع تؤكد عكس ذلك تمامًا فجميع المؤشرات تُدلل على أن هناك شيء خطير يُحاك للفلسطينيين بغزة، لم يأت موعد الإفصاح عنه بعد.
فعملية التهجير القسري للفلسطينيين من شمال غزة نحو الجنوب والتي بدأت منذ اليوم الأول من الحرب الإسرائيلية الدموية والطاحنة على القطاع، لا تزال مستمرة. فبعد أن أصبح شمال غزة شبه فارغ من الفلسطينيين، حتى بدأت إسرائيل بالمرحلة التالية وهي تهجير سكان وسط القطاع وجنوبه إلى أقصى الجنوب وهو باتجاه معبر رفح والحدود المصرية.
هذه الخطة الإسرائيلية المدروسة والتي يمكن أن يكون تم التجهيز لها منذ سنوات طويلة داخل الغرف المعلقة، وأمام القصف الإسرائيلي العنيف والذي لم يرحم بشرًا وحجرًا ولا حتى شجرًا، ستنفذ عمليًا فلن يجد الفلسطينيين أمامهم إلا مصر للبحث عن الأمان والنجاة من ويلات الحرب والقصف العنيف.
وتشير التقديرات إلى أن ما يقرب من 1.9 مليون شخص في غزة، أو ما يقرب من 85% من السكان، أصبحوا نازحين داخلياً، وفقا لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، فيما استشهد أكثر من 17 ألف فلسطيني في قطاع غزة، معظمهم من النساء والأطفال، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية في غزة.
وكانت مصر والأردن والسلطة الفلسطينية أعربتا عن قلقهما منذ الأيام الأولى للحرب من أن تقوم إسرائيل بدفع الفلسطينيين من غزة إلى مصر، وعدم السماح لهم بالعودة بعد الحرب.
تعليقات