ابداع: الشامبرير - عمر مجهيد

التقت ، مليكة ، حسن . صديق علال . الذي عاد ، من إيطاليا . من إسبوع تقريبا ، حسن ، كان ، هو الثالث ، بالاضافة الى علال . في المجموعة ، ...


التقت ، مليكة ، حسن . صديق علال . الذي عاد ، من إيطاليا . من إسبوع تقريبا ، حسن ، كان ، هو الثالث ، بالاضافة الى علال . في المجموعة ، الصغيرة ، التي أبحرت ، على متن الشامبرير ، في مياه المتوسط . للوصول ، الى الجهة المقابلة ، هناك . الى ، تلك الجهة ، التي ، يا ما نظروا لها ، على انها خلاصهم . من هذا ، الجحيم ، الذين يعيشون فيه ، ويحترقون ، بناره يوميا . لقد أفقدتهم ، أحلام الخلاص ، من هنا ، الى هناك ، صوابهم . وها ، هو حسن ، يعود ، بعد ثلاث سنوات ، طويلة ، عريضة ، من الغياب ، ومن العذاب . 
حمدته ، مليكة على ، السلامة . وسالته عن أحواله … وكيف كانت ، هذه الرحلة ، الى اسبانيا ، ومنها ، الى ايطاليا . نظر حسن ، الى مليكة ، وكانت عيناه ، قد إحمرتا ، وأوشك ، على البكاء وقال ، وهو ينظر ، في الارض . ولا يرفع ، رأسه منها . لقد ، كنا مجانين . لا أجد ، غير هذه الكلمة ، لوصف ما أقدمنا عليه . سكتت مليكة ولم ، تفتح فمها ، بكلمة واحدة . لأن حسن ، كان يريد أن يحكي ، كل شيء . كان يريد ، أن يفضفض ، ويفرغ ما بداخله ، من معاناة ، عاناها ، خلال ، هذه السنوات الثلاثة . وأن يتخلص ، من عبئها ، ومن ثقل وزرها عليه . مما ، جعله يتابع حديثته ، دون توقف ، ويسترسل ، فيه . الفكرة ، كانت لكمال . صديقنا ، المجاز في الاقتصاد . الساخط ، والمتدمر ، من كل شيء . والحالم بثورة ، لم تأتي ، أبدا . والذي أصيب ، بخيبة كبيرة ، وإنتكاسة اكبر ، مما آلت اليه ، أوضاع الحركة الطلابية ، في ربوع البلاد . فشن عليها ، انتقادات قاسية ، إذ إعتبرها ، اضاعت بوصلتها ، ودجنت وتشوهت ، واصبحت هجينة ، ومفصولة عن الواقع ، ويعيش أصحابها ، في عوالم وهمية ، وخيالية ، لا توجد ، الا في عالم الكتب ، التي يقرؤونها . وبالتالي ، هو لا يرى ، مكانا له فيها . فانسحب منها ، غير متأسف عليها ، تماما . وفي نفسه ، مرارة شديدة . فما زلت ، اذكر حلقاته ، التي كان ، يحشد فيها ، المئات من الطلاب . ويشد ، فيها الهمم ، خاصة ، عندما ظهر ، تيار الاسلام السياسي ، داخل الجامعات . ويشرح فيها ، المانيفبستو ، لانجلز وماركس ، وكتاب رأس المال . كمال هو ، كان من اسرة معدومة ، ويتدبر ، امر مصروف يومه ، بنفسه . بممارسة الصيد ، بواسطة الشامبرير ، في البحر ، الذي لا يبعد ، عن الدوار ، الذي يسكن فيه ، إلا بمئات الامتار . ويعرف ، جوار هذا الساحل ، الطويل ، شبرا ، شبرًا ، كما يعرف ، جيوبه . ويجيد ، الإبحار ، بهذا القارب العجيب . حضرنا ، كل شيء ، بعد لقاءات ، خاطفة . ووزعنا ، المهام ، والأدوار ، بيننا . كمال ، تكلف بالإبحار ، بالشامبرير ، الى مكان بعيد ، ومحجوب ، عن الأنظار . واخفائه ، بين الصخور ، والتمويه عليه ،بأغصان الأشجار ، والعودة ، راجلا . وبقليل ، من المال ، الذي إستطعنا ، تدبره ، اشترينا ، علال وأنا ، كثيرا من الحمص . لانه ، سيكون هو ، وجبتنا الاساسية ، والمهمة ، في هذا المغامرة . ولانه كذلك ، من جهة ، سيسكت في أمعائنا ، الشعور بالجوع ، ومن جهة أخرى ، سيعفينا ، من التغوط ، في البحر ، أمام بعضنا ، البعض . لانه ،سيصيبنا بالإمساك . ويجعلنا ، في غنا ، عن وضعيات ، محرجة لنا جميعا .… 

             بقلم: عمر مجهيد               
كمال ، كذلك . جمع ، عددا من قنينات ، المشروبات الغازية ، البلاستيكية ، الفارغة . وربطها الى ببعضها ، بحبال . فاصبحت ، كأحزمة ناسفة ، غير أنها ، بدون مواد متفجرة . ولا سواعق ، للتفجير . أخبرنا ، انه ، يتوجب علينا ، شدها بقوة ، الى بطوننا ، لنبقى نطفو ، فوق الماء ، لوحدث ، حادث ما ، وانقلب الشامبرير . عند هيجان البحر ، أواضطرابه ، او ماشابه ... بعد الانتهاء ، من هذه الاستعدادات . قررنا ، أن نلتقي مساءا ، في مقهى الميناء ، ولم يكن معنا ، لا حقائب ، ولا حقائب يدوية ، فقط ، بحوزتنا ، كيس كبير ، من الحمص . وآخر ، من البلاستيك ، الأسود . الذي سنضع فيه ، بعض أغرضنا ، البسيطة . كالسجائر ، والولاعات ، وأحذيتنا الرياضية ، وبطاقات الهوية ، والجوازات ، لحفظها من البلل . والتي ، لم نجمع ، على مصيرها ، فكان من رأي كمال ، أن نتخلص منها ، على الفور والان ، لأنها لن تفيدنا ، هناك ، في أي شيء . بل ، بالعكس ، قد تسهل ، على خفر السواحل ، ترحيلنا فورا ، إذا ما فشلنا في العبور ، وكشفت ، هوياتنا ، وبسرعة اكبر ، مما لو ، لم تكن معنا هذه الهويات . وبعد أن إنتهينا ، من شرب القهوة ، ودعنا ، بعض أصدقائنا ، الذين أحطناهم ، علما بمشروعنا ، فأبوا ، الا أن يكنوا ، في وداعنا . تعانقنا ، بالأحضان . ونحن نربت ، على اكتاف بعضنا ، وانطلقنا ، من دون ، كلمة واحدة . ودون ، أن نلتفت خلفنا . كان الليل ، حالكا . والقمر ، يظهر قليلا ، ثم يختفي . كانت ، تحجبه سحب كثيفة . مما كان ، يسهل تحركنا ، ويمنع كشف عمليتنا . وكنا ، طيلة الوقت ، لا نسمع ، الا أصوات أنفاسنا ، ووقع خطواتنا على الرمال ، وكذلك ، صوت الأمواج ، الذي لم يقارقنا ، طيلة الطريق ، التي قطعناها ، ونستنشق ، رائحة ملح البحر ، والرذاذ الذي كان يصل الينا ، ونشعر به على وجوهنا ، عندما ، كان يصطدم بالصخور التي لم تكن بعيدة عنا 

كان كمال ، بحكم معرفته للمنطقة ، هو دليلنا . وكذلك ، سيكون في عرض البحر . لانه كان الوحيد ، فينا ، المؤهل ، لقيادة هذه المهمة ، وقيادتنا الى بر الامان . وفي عمق الظلام ، طلب ، منا كمال فجأة ، أن نتوقف ، لحظة . وأن نصيخ السمع . ثم طلب منا ، جميعا ، أن ننبطح أرضا ، على الرمل . لأن هناك ، أصواتا غير بعيدة عنا ، وكذلك ، اضواءا صغيرة بعيدة . وبعد أن ابتعدت ، تلك الاصوات ، التي كانت تصل الينا ، واختقت ، تلك الاضواء افادنا كمال ، ان هؤلاء ، هم مهربون ، وينشطون كثيرا ، في هذه الساعات ، من الليل . ومن الافضل لنا ، ان لا يرانا احد . بعدها ، نهضنا ، وتابعنا سيرنا ، في عز الليل . ليس هناك ، سوى البحر ، وصوته الهادر ، وقمر يظهر قليلا ، وما يلبث أن يختفي ... ثم ، بعد اكثر من ساعتين ، من المشي . وصلنا أخيرا ، الى المكان ، الذي ، أخفى فيه كمال القارب … الشامبرير ساعدنا جميعا ، في اخراجه . فهو سيكون قاربنا ، في هذه الرحلة ، التي كنا نعي ، مدى خطورتها حملناه ، على اكتافنا ، وتخطينا ، به حاجزا صخريا ، ثم اخيرا ، وصلنا به الى الشاطئ . وضعناه أرضا . رفعنا سراويلنا ، الى فوق ركبنا ، ونزعنا أحذيتنا ، الرياضية . ووضعنا ، كل شيء ، في كيس الباستيك ، الاسود . الذي كنا ، قد حملناه معنا . وكل واحد منا ، حزم كيسه ، ووضعه ، في وسط الشامبرير ، فوق لوح ، من الخشب ، تبته كمال في الوسط بكل مهارة . سحبناه ، جميعنا على الرمل . الى ان ، دخلنا به ، في البحر . كان الماء مثلجا ، حيث شعرنا ، على الفور ، بعظلات سيقاننا ، تشتد ، وتتقلص . ونحن ، نشجع بعضنا ، بعضا . وندفع ، بالقارب في الماء ، ساعدنا ، كذلك ، بعضنا البعض ، في امتطائه . ولم يكن ، امرا يسيرا وعلى الفور ، طلب منا ، كمال ، ان نحزم ، الأحزمة التي كان ، قد أعدها ، من القنينات البلاستيكية ، الفارغة ، وساعدنا من لم يستطع لوحده ، أن يقوم بذلك 
اخد كمال ، المحذاف . وبدأ يجذف ، بدون احداث ، اي صوت . الى ان ، ابتعدنا كثيرا . على الشاطي ولم نعد نرى ، اي شيء ، اي شيء ، سوى الظلام ، ومياه سوداء ، تحيط بنا ، من كل جهة . والتي ، مرة ، مرة ، ينعكس عليها ، ضوؤ القمر . بعض ، هذه الامواج ، كانت ترتفع بنا ، إلى أعلى ، ثم تنزل ، ببطي ، كما لو أنها ، تهوي بنا في الفراغ … أو في القاع فتهوي قلبونا ، الى بطوننا ... الآن فقط ، ابتدأت الرحلة . يارفاق ، حركة البحر ستشتد ، بعد قليل ، عندما سنصل الى ، أعالي المتوسط . فرثلوا ، الصلوات ، والأدعية . قال كمال ، وهو يبتسم . لم يرد ، عليه احد ، ولم يتكلم ، اي واحد منا . كان كمال ، وحده من يكلم نفسه . كانت وجوهنا ، متجهمة ، وعيوننا جاحظة . وفي الظلام ، لم نكن نرى ، من بعضنا البعض . سوى بياضها . وكلنا ، كنا متشبتين ، بالحبال التي تبتها ، كمال بحرفية صياد ماهر . كان البرد ، شديدا . والصمت ، الذي ساد بيننا ، اصبح ثقيلا جدا ، تداخلنا ، في اعضائنا ، بحثا عن قليل من الدفء . لقد سلمنا انفسنا ، لكمال ، قائد هذه الرحلة .
والى الرب ، وفي داخلنا ، لم نتوقف لحظة ، عن الدعاء . كي ننجح ، في الوصول ، الى هذفنا …… الى هناك …


تعليقات


الاسم

أجناس صحفية,28,اخبار العالم,2152,اخبار العرب,1795,اخبار المغرب,6769,أرشيف,12,اسبانيا,218,أستراليا,1,اسكوبار الصحراء,9,إضاءة,1,إطاليا,6,إعلام,309,إعلام فرنسي,5,إفريقيا,66,اقتصاد,1089,أقلام,15,الإتحاد الأوروبي,17,الأخيرة,1,الأرجنتين,1,الأردن,1,الإمارات,4,الأمم المتحدة,29,البرازيل,12,الجزائر,328,السعودية,16,الصحة,139,الصين,33,ألعراق,1,العراق,6,الفضاء,1,القدس,4,ألمانيا,29,المراة,132,المكسيك,1,الملف,25,النمسا,1,ألهند,1,الهند,2,الولايات المتحدة الأمريكية,130,اليمن,43,إيران,60,ايطاليا,2,باكستان,1,برشلونة,1,برلمان,1,بروفايل,1,بريطانيا,1,بريكس,1,بلجيكا,7,بيئة,21,تاريخ,6,تحقيق,1,تحليل,2,تدوين,783,ترامب,18,ترجمة,1,تركيا,29,تغريدات,31,تغريدة,6,تقارير,1352,تقرير صحفي,76,تونس,91,ثقافة,2,جنوب إفريقيا,4,جنين,4,حدث,1,حرية,419,حزب الله,24,حماس,13,حوارات,81,ذكرى,2,روسيا,93,رياضة,385,زاوية نظر,41,زلزال الحوز,76,سوريا,36,سوسيال ميديا,36,سوشال ميديا,16,سياحة,6,سينما,32,شؤون ثقافية,466,صحافة,87,صحة,579,صوت,1,صوت و صورة,916,طاقة,33,طقس,1,طولكرم,1,عالم السيارات,3,عداد البنزين,5,عزة,4,علوم و تكنولوجيا,323,عناوين الصحف,322,غزة,223,فتح,1,فرنسا,209,فلسطين,8,فلسطين المحتلة,785,فنون,248,قطر,3,كاريكاتير,9,كأس العالم,108,كتاب الراي,1971,كوريا الجنوبية,2,كولومبيا,2,لبنان,34,ليبيا,34,مجتمع,1370,مجنمع,10,مختارات,129,مدونات,5,مسرح,8,مشاهير,1,مصر,10,مغاربي,1062,ملف سامير,8,ملفات,48,منوعات,410,موريتانيا,17,مونديال,1,نقارير,3,نقرة على الفايس بوك,1,نيكاراغوا,1,هولاندا,1,
rtl
item
الغربال أنفو | موقع إخباري: ابداع: الشامبرير - عمر مجهيد
ابداع: الشامبرير - عمر مجهيد
https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgSo2wnunGSpAL8RmAyqZ3tO6lybta4nLIz1A_aXPAt3sRffwEgv_Nzy-flRwwgLqxsimsiaDSjjGlRYLV9En3cow8QVM2j47xnxPSZRO0K8MgbHiq-JrXj4sZkLVWEErOtuhHn_uWCiHze/s1600/t_l_chargement_j_converted.jpg
https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgSo2wnunGSpAL8RmAyqZ3tO6lybta4nLIz1A_aXPAt3sRffwEgv_Nzy-flRwwgLqxsimsiaDSjjGlRYLV9En3cow8QVM2j47xnxPSZRO0K8MgbHiq-JrXj4sZkLVWEErOtuhHn_uWCiHze/s72-c/t_l_chargement_j_converted.jpg
الغربال أنفو | موقع إخباري
https://www.alghirbal.info/2015/03/blog-post_24.html
https://www.alghirbal.info/
https://www.alghirbal.info/
https://www.alghirbal.info/2015/03/blog-post_24.html
true
9159330962207536131
UTF-8
تم تحميل جميع المشاركات لم يتم العثور على أي مشاركات عرض الكل المزيد رد إلغاء الرد حذف بواسطة الرئيسية تتمة الموضوع مشاركات عرض الكل مختارات وسم أرشيف بحث جميع المشاركات لم يتم العثور على أي مشاركة مطابقة لطلبك العودة للرئيسية الأحد الإثنين الثلائاء الأربعاء الخميس الجمعة السبت أحد إثنين ثلثاء أربعاء خميس جمعة سبت يناير فبراير مارس أبريل ماي يونيو يوليوز غشت شتنبر أكتوبر نوفمبر دسمبر يناير فبراير مارس ابريل ماي يونيو يوليوز غشت شتنبر اكتوبر نوفمبر دسمبر الآن منذ دقيقة واحدة $$1$$ minutes ago 1 hour ago $$1$$ hours ago Yesterday $$1$$ days ago $$1$$ weeks ago more than 5 weeks ago المشتركون اشترك هذا المحتوى المميز مقفل الخطوة 1: المشاركة على شبكة التواصل الاجتماعي الخطوة 2: انقر على الرابط الموجود على شبكتك الاجتماعية Copy All Code Select All Code All codes were copied to your clipboard Can not copy the codes / texts, please press [CTRL]+[C] (or CMD+C with Mac) to copy Table of Content