مظاهرة الطلاب بالدار البيضاء _ 23 مارس 1965 تقديــــــم : عرفت مدينة الدار البيضاء إنتفاضة شعبية عارمة أيام 22 و 23 و24 مارس 1965،...
مظاهرة الطلاب بالدار البيضاء _ 23 مارس 1965 |
تقديــــــم:عرفت مدينة الدار البيضاء إنتفاضة شعبية عارمة أيام 22 و 23 و24 مارس 1965، كانت بمثابة إدانة جماهيرية صارخة ضد السياسات التي نهجها النظام المخزني منذ الاستقلال الشكلي.
هذا الاستقلال
الذي جاء بعد مفاوضات مدينة إيكس ليبان الفرنسية والتي كانت بمثابة صفقة سياسية،
بموجبها حافظت القوى الإمبريالية وخصوصا منها الفرنسية على مصالحها الأساسية وعمل
القصر بتحالف مع الاقطاع والخونة والبورجوازية الهجينة على الانفراد بالسلطة
السياسية بالمغرب وشل وإيقاف زحف الجماهير الشعبية التي كانت تطمح إلى إنجاز تحرر
وطني حقيقي خصوصا بعد دخول طلائع العمال والفلاحين الفقراء معمعان النضال الوطني
وإندلاع الكفاح المسلح متجاوزة بذلك سقف/ خط النضال السياسي السلمي والذي كانت
تتبناه قيادة الحركة الوطنية البرجوازية.
إن هذه الذكرى
التي تحييها مناضلات ومناضلي النهج الديموقراطي عبر استماتتهم وصمودهم وبإخلاصهم
ووفاءهم لأرواح شهداء شعبنا، تفرض علينا إستحضار –ولو بشكل السريع.
ظروف وملابسات
إندلاع هذه الانتفاضة:
فمن الناحية السياسية،
بدأ المغاربة يلمسون لا وطنية النظام المخزني بعد الاستقلال من خلال قبوله شروط
فرنسا في مفاوضات إيكس ليبان حيث التفريط في السيادة الوطنية من خلال بقاء أطراف
واسعة من التراب الوطني مستعمر وبقاء القواعد العسكرية الأجنبية وقمع جيش التحرير
بالجنوب وقمع ثورة الريف بالشمال في الوقت الذي عمل النظام على تثبت أركانه وتوطيد
سلطته وبناء قواته من جيش وشرطة ومخابرات. والقيام في نفس الوقت بمناورات ومبادرات
سياسية محدودة ومحسوبة لربح الوقت وتوفر له شروط نجاح قمع الاتجاهات الوطنية
الراديكالية وخلق تناقضات في صفوفها ...
أما على المستوى الاقتصادي فقد تميزت هذه
المرحلة بتزايد النفوذ المالي الفرنسي عبر القروض حيث تشير معطيات ميزانية 65 إلا
أن ثلث الدخل الوطني كان مخصصا لنفقات تسيير أجهزة الدولة كما قفزت مديونية
الخزينة العامة من 70 إلى 156 مليار فرنك بين 1960 و1964 (أنظر كتاب عزيز خمليش :
الانتفاضات الحضرية بالمغرب) .
وفي القطاع الفلاحي عمل النظام على عرقلة أي إصلاح
زراعي حقيقي وبالمقابل عمل الحكم على توسيع قاعدته الإجتماعية والطبقية عبر توزيع
الأراضي المسترجعة على المعمرين الجدد المغاربة وحرمان أصحابها الشرعيين منها وبالتالي
تصاعد وثيرة الهجرة القروية نحو المدن أما في القطاع الصناعي فقد إستمرت هيمنة
الإمبريالية الفرنسية في مختلف الوحدات الصناعية مع نمو طفيف لبعض الصناعات خاصة
منها النسيج والصناعات المرتبطة باستخراج المعادن وتصديرها.
ويمكن القول أن المخطط
الخماسي (1960-1964) كان طموحا خاصة في جانب الإصلاح الزراعي وتنمية الإنتاج
الصناعي إلا أن الحكم أفرغه من محتواه الحقيقي حيث اتضح تدريجيا أن الإطار العام
للتطور الاقتصادي لم يستهدف بناء إقتصاد مستقل تتكامل قطاعاته بقدر ما كرس التبعية
للخارج.
هذه الأوضاع
الاقتصادية والسياسية ستكون لها إنعكاسات خطيرة على المستوى الاجتماعي حيث تميزت
بداية الستينات بإرساء نظام القمع السياسي والفساد والرشوة والاغتناء السريع
والاستفادة من المناصب العليا بالنسبة للأقلية المحظوظة بينما عانت الجماهير
الشعبية من نزع أراضيها ومن البطالة ومن الاستغلال البشع بالمصانع والمناجم،
فتوسعت أحزمة البؤس والفقر حول المدن الكبرى وارتفعت أسعار المواد الاستهلاكية
والحرمان من الخدمات الاجتماعية، وكذلك بدأت الجماهير الشعبية تدرك حقيقية
الاستقلال والشعارات الرنانة التي ترفعها الطبقة الحاكمة فساد شعور بالإحباط
والإحساس بالخيانة.
إندلاع
الانتفاضة:
كانت الشرارة
التي فجرت بارود الغضب الشعبي هي قرارات وزير التعليم آنذاك يوسف بلعباس عبر
المذكرة الوزارية ليوم 19 فبراير 1965 والتي بموجبها يمنع كل الأطفال والشباب
الذين يفوق سنهم 17 سنة من الالتحاق بالسلك الثاني من التعليم الثانوي وبالتالي
حرمانه من إجتياز إمتحان شهادة الباكلوريا.
لقد كان هذا
القرار طعنة حقيقية وجهها النظام المخزني من الخلف للجماهير الشعبية التي كانت
تحلم بحقها المشروع في تعليم أبناء مغرب الاستقلال الذي ضحت بالغالي والنفيس من
أجله، ولقد تم التعبير عن ذلك بالإضرابات والمظاهرات الصاخبة التي عمت الثانويات
في البداية مثل ثانوية محمد الخامس وثانوية الخوارزمي وثانوية عبد الكريم لحلو
وثانوية الأزهر ثم تبعها نزول منظم إلى الشوارع حيث إلتحق بالشبيبة المدرسية
الآلاف من المواطنات والمواطنين الغاضبين والمقهورين عبر صفوف طويلة وهي ترفع
لافتات الإدانة وتردد شعارات الاستنكار ضد الطبقة الحاكمة ورموزها خصوصا بشارع
الفداء ودرب الكبير وسباتة ودرب غلف والمدينة القديمة وغيرها فتم استدعاء الجيش
وباقي القوات العمومية وصدر القرار الذي يبين حقيقة النظام المخزني اللاشعبي فتم
إطلاق الرصاص الحي على الجماهير الشعبية العزلاء إلا من إرادتها فلعلع الرصاص
ليخترق صدور وجماجم أحباءنا وفلذات أكبادنا سواء المحتجين بالشوارع أو الذين يطلون
عبر النوافذ والأسطح والأبواب فسال الدم غزيرا (أكثر من 1000 شهيد وشهيدة) فكنت لا
ترى وتسمع مساء يوم 23 مارس 1965 إلا الدخان الكثيف والرصاص المتطاير في كل
الاتجاهات كأنك في مساحة حرب حقيقية.
نعم حرب
الطبقة الحاكمة بالحديد والنار على الكادحين لإخضاعهم وسلب إرادتهم، لقد ارتكب
النظام الحاكم جريمته النكراء وتلتها حملة مطاردات واعتقالات واسعة للتغطية على
فعلته الشنعاء، وباشر حملة دعائية وديماغوجية لفك العزلة الشعبية عنه فلم يكن الحديث
بمجالس الخاصة وداخل الأسر المغربية بالبوادي والمدن إلا عن هذه الجريمة، كما
تلتها مخططات سياسية عدة منها إعلان حالة الاستثناء في 7 يونيو 1965 وفتح مفاوضات
مع الأحزاب الإصلاحية حول موضوع تشكيل حكومة وحدة وطنية واغتيال المهدي بنبركة يوم
29 أكتوبر 1965 بباريس ... و غيرها.
إن دروس
إنتفاضة 23 مارس 1965 غنية ومتعددة ليس أقلها فشل إستراتيجية الإصلاح وفشل الأحزاب
لعب ورقة الجماهير للضغط والتفاوض مع القصر لنيل الفتات في الوقت الذي أعلنت فيه
هذه الجماهير، بحسها الثوري القطيعة ضد الحكم حيث بدأت تتشكل من صلبها الخلايا
والأنوية التنظيمية المناضلة والثورية.
والتي بدأت
تطرح الأسئلة الصعبة والبحث النظري والسياسي بما فيها مسألة العنف الثوري لحماية
الجماهير من العنف الطبقي الرجعي. (أنظر كتاب حسن الصعيب صفحات من تاريخ منظمة 23
مارس(.
هذه الأنوية
والخلايا هي التي ستقود نضالا نوعيا منذ نهاية الستينات خصوصا بعد تشكل منضمات
اليسار الجديد من أشهرها :
منظمة 23
مارس
ثم منظمة
إلى الأمام
المجد والخلود
لشهداء شعبنا
إنجاز : حكيم بلوش - عبد السلام رضوان
عشت هذه المرحلة و انا تلميد ابن الثامنة عشر ربيعا و رطبوا لي جنابي بالعصى الحمد للاه لا زلت حيا
ردحذف